ذات يوم "السبت" من العام 1974، وبينما كنا جلوساً في الصف الخامس الابتدائي،
بمدرسة "القاسمية" في رأس الخيمة، نترقب حضور "الأستاذ شديد" هكذا كنا نسميه، لكثرة
شدته، وعبوسه الدائم، ولجوئه لأسلوب ضرب الأولاد التلامذة- دخل علينا أستاذن بهدوء،
على غير العادة، فجلس صامتا وأخذ يجول بنظره في أرجاء الصف، متفحصاً وجوهنا الواحد
تلو الآخر.
ظننا للوهلة الأولى من شدة حيرتنا، أنه ربما يكون قد فقد عزيزاً له، أو أي أمر من
هذا القبيل، ولكننا لا نستطيع - بل قل: لا نتجرأ على - فتح حوار معه، لأنه- كما
أسلفت- " الأستاذ شديد "... الذي لا يبتسم، أو ، كنا نعتقد - نحن الصغار- أن
الابتسامة ربما تكون قد أضاعت طريقها عن وجهه.
لحظات عصيبة مرت علينا، ونحن ننتظر أن ينكسر الصمت الذي غلف المكان، وفجأة، نهض
أستاذنا من على كرسيه، وأمسك الطبشورة ليكتب بها على الصبورة المعلقة على حائط غرفة
الصف، لكنه عاد وعدل عن رأيه، فجلس ثانية، بدا وكأنه يود قول شي ما، لكنه بدا في
الوقت نفسه مشتت الذهن. إلا أن أحدنا قرر المواجهة أخيراً، فبادره سائلاً: هل حدث
مكروه - لا سمح الله - يا أستاذ؟
صمت أستاذنا للحظات، وكأنه لا يريد التكلم، ثم قرر أن يخبرنا بما يجيش في خاطره،
فقال:
" نهار الخميس، وبعد انتهاء الدوام الدراسي، قررت أن أزور إمارة ابوظبي مستغلاً
إجازتي الأسبوعية. ركبت سيارتي الجديدة وحيدا، لا أعرف إلى أين سأصل، ومتى؟ لأنها
زيارتي الأولى...لن أطيل الكلام عليكم، وصلت إلى منطقة قريبة من البحر، ولأنني غريب
عن المنطقة، ولا أعرف شوارعها ولا مسالكها الآمنة! فقد اتخذت اتجاه لأجد نفسي فجأة
في ورطة .. لقد نامت سيارتي، غرزت عجلاتها في الرمال. حاولت تخليصها من هذا الطارئ،
الذي لم يكن أبداً في الحسبان، ولكن دون جدوى. كانت الساعة قد تجاوزت الثانية من
بعد الظهر، ولم يكن أحد في الجوار، لإعانتي وإنقاذي مما أنا فيه".
أضاف..." وبعد دقائق من المحاولات المتكررة، ظهرت سيارة جيب من بعيد، أنبأني
بوصولها صوت هدير محركها. أشرت لسائقها ملوحاً طالباً النجدة، بعد أن فقت الأمل في
الخلاص من هذه الورطة التي أقع فيها للمرة الأولى. أخذت السيارة القادمة تقترب
شيئاً فشيئاً إلى أن توقفت على مسافة قصيرة مني، فترجل قائدها، وبحركه سريعة غطى
وجهه بغترته، تفادياً للرمال والغبار بعد أن ألقى علي التحية. ودون إطالة في
الاستفسار عما حصل، نزل الرجل على ركبتيه على الأرض وبدأ - بيديه - عملية تخليص
سيارتي من الرمال، التي كانت قد غمرت أكثر من نصفها. ومن إطار إلى آخر أنهى ما
بدأه، فوقف وصعد إلى سيارتي، أدار محركها وأخرجها من مكانها متقدماً بها إلى
الأمام، ثم ترجل منها واستقل سيارته بعد أن ألقى علي تحية الوداع، وقبل أن ينطلق
إلى حيث يقصد، أزاح غترته من حول وجهه، بينما
أنا أحاول - متفرساً ملامحه - معرفة من يكون هذا الآتي المنقذ.
وإذا بالمفاجأة: لقد كان الرجل آخر إنسان كنت أتوقع أن أراه في تلك المنطقة، وفي
ذلك الوقت تحديداً، ما جعل ساقي لا تقويان للحظات على التحرك نحو سيارتي التي (
طلعت وغرزت أنا ) مكانها أنتظر من يعينني
صمت الأستاذ لثوانٍ ثم سألنا: هل تعرفون من كان ذلك الرجل؟ لقد كان زايد الخير،
الرجل الإنسان الذي أثبت للعالم،
كما أثبت لرجل بسيط مثلي، أنه - بحق - يستحق أن تتباهوا به وبتواضعه...ومن تواضع،
رفعه الله وحفظه
..الله يرحمك يا(( زايـــــــــــــــــــــــد)) الإمارات .ويغفر لك
.قولوا آميـــــــــــــــــــــن
بمدرسة "القاسمية" في رأس الخيمة، نترقب حضور "الأستاذ شديد" هكذا كنا نسميه، لكثرة
شدته، وعبوسه الدائم، ولجوئه لأسلوب ضرب الأولاد التلامذة- دخل علينا أستاذن بهدوء،
على غير العادة، فجلس صامتا وأخذ يجول بنظره في أرجاء الصف، متفحصاً وجوهنا الواحد
تلو الآخر.
ظننا للوهلة الأولى من شدة حيرتنا، أنه ربما يكون قد فقد عزيزاً له، أو أي أمر من
هذا القبيل، ولكننا لا نستطيع - بل قل: لا نتجرأ على - فتح حوار معه، لأنه- كما
أسلفت- " الأستاذ شديد "... الذي لا يبتسم، أو ، كنا نعتقد - نحن الصغار- أن
الابتسامة ربما تكون قد أضاعت طريقها عن وجهه.
لحظات عصيبة مرت علينا، ونحن ننتظر أن ينكسر الصمت الذي غلف المكان، وفجأة، نهض
أستاذنا من على كرسيه، وأمسك الطبشورة ليكتب بها على الصبورة المعلقة على حائط غرفة
الصف، لكنه عاد وعدل عن رأيه، فجلس ثانية، بدا وكأنه يود قول شي ما، لكنه بدا في
الوقت نفسه مشتت الذهن. إلا أن أحدنا قرر المواجهة أخيراً، فبادره سائلاً: هل حدث
مكروه - لا سمح الله - يا أستاذ؟
صمت أستاذنا للحظات، وكأنه لا يريد التكلم، ثم قرر أن يخبرنا بما يجيش في خاطره،
فقال:
" نهار الخميس، وبعد انتهاء الدوام الدراسي، قررت أن أزور إمارة ابوظبي مستغلاً
إجازتي الأسبوعية. ركبت سيارتي الجديدة وحيدا، لا أعرف إلى أين سأصل، ومتى؟ لأنها
زيارتي الأولى...لن أطيل الكلام عليكم، وصلت إلى منطقة قريبة من البحر، ولأنني غريب
عن المنطقة، ولا أعرف شوارعها ولا مسالكها الآمنة! فقد اتخذت اتجاه لأجد نفسي فجأة
في ورطة .. لقد نامت سيارتي، غرزت عجلاتها في الرمال. حاولت تخليصها من هذا الطارئ،
الذي لم يكن أبداً في الحسبان، ولكن دون جدوى. كانت الساعة قد تجاوزت الثانية من
بعد الظهر، ولم يكن أحد في الجوار، لإعانتي وإنقاذي مما أنا فيه".
أضاف..." وبعد دقائق من المحاولات المتكررة، ظهرت سيارة جيب من بعيد، أنبأني
بوصولها صوت هدير محركها. أشرت لسائقها ملوحاً طالباً النجدة، بعد أن فقت الأمل في
الخلاص من هذه الورطة التي أقع فيها للمرة الأولى. أخذت السيارة القادمة تقترب
شيئاً فشيئاً إلى أن توقفت على مسافة قصيرة مني، فترجل قائدها، وبحركه سريعة غطى
وجهه بغترته، تفادياً للرمال والغبار بعد أن ألقى علي التحية. ودون إطالة في
الاستفسار عما حصل، نزل الرجل على ركبتيه على الأرض وبدأ - بيديه - عملية تخليص
سيارتي من الرمال، التي كانت قد غمرت أكثر من نصفها. ومن إطار إلى آخر أنهى ما
بدأه، فوقف وصعد إلى سيارتي، أدار محركها وأخرجها من مكانها متقدماً بها إلى
الأمام، ثم ترجل منها واستقل سيارته بعد أن ألقى علي تحية الوداع، وقبل أن ينطلق
إلى حيث يقصد، أزاح غترته من حول وجهه، بينما
أنا أحاول - متفرساً ملامحه - معرفة من يكون هذا الآتي المنقذ.
وإذا بالمفاجأة: لقد كان الرجل آخر إنسان كنت أتوقع أن أراه في تلك المنطقة، وفي
ذلك الوقت تحديداً، ما جعل ساقي لا تقويان للحظات على التحرك نحو سيارتي التي (
طلعت وغرزت أنا ) مكانها أنتظر من يعينني
صمت الأستاذ لثوانٍ ثم سألنا: هل تعرفون من كان ذلك الرجل؟ لقد كان زايد الخير،
الرجل الإنسان الذي أثبت للعالم،
كما أثبت لرجل بسيط مثلي، أنه - بحق - يستحق أن تتباهوا به وبتواضعه...ومن تواضع،
رفعه الله وحفظه
..الله يرحمك يا(( زايـــــــــــــــــــــــد)) الإمارات .ويغفر لك
.قولوا آميـــــــــــــــــــــن
الأحد يناير 27, 2013 1:07 pm من طرف ابن الجزائر
» ما هي المشكله
الإثنين أغسطس 06, 2012 5:29 am من طرف سعودي محترم
» أنواع التصوير الفوتوغرافي ...
الإثنين أغسطس 06, 2012 3:49 am من طرف سعودي محترم
» اممَمْ .. خآطره عَ قصيدة حق رَبيعيْ سآآفر برَع آلدولهْ !
السبت أبريل 07, 2012 2:55 pm من طرف 3jazt ansak
» لو كـنــت بــروحــكـ ع البحــر شوه بتقولـهـ ؟؟!!
الخميس مارس 15, 2012 7:25 pm من طرف ٵَهـہِڐِړٍيہپْڴہ
» حتى لايبكي الطفل عند خروجك من المنزل
السبت مايو 07, 2011 5:34 am من طرف جوهرة بوظبي
» تفتيح الجسم بشكل غير طبيعي
السبت مايو 07, 2011 5:22 am من طرف جوهرة بوظبي
» عاااااااااااادات موذيه جدا لكي
السبت مايو 07, 2011 5:15 am من طرف جوهرة بوظبي
» لتصبحـــــــــــــــى مثل القمر
السبت مايو 07, 2011 5:12 am من طرف جوهرة بوظبي